البكاء هو الحل الأخير كلما خذلتنا الكلمات

البكاء هو الحل الأخير كلما خذلتنا الكلمات

البكاء حيلة من لا حيلة له , هو وجع الملامح وانهيار ثبات الروح , هو حيث نلجأ كلما خذلتنا الكلمات وتخلت
عنا المشاعر , هو عون الضعيف ودفء يحتوي برد القوي , هو اليد التي لا تخذلنا كلما بحث الصبر عن سند
ليقف من جديد , البكاء هو محراب الموجوعين وبلسم لجراح المتعبين , هو الحل الأخير لكل مشكلة , والملجأ
لكل الأحاسيس المشردة ...
خذلتني الدنيا يا سيدي وتركتني لآخر حلولها , هجروني الأصدقاء وهاهو صبري يبحث عن يد البكاء ليقف من
جديد , لم أكتب من قبل عن البكاء ربما لأنني كنت أخشى أن أمنحك غرورا جديدا يُضاف لرصيدك المرتفع
أساسا بحبي لك , وربما كنت أعجز عن وصف انهيار صبر وصراخ جراح , وربما خذلتني الكلمة وتخلى عني
الحرف , والأكيد يا سيدي أنني أُشفق على كلماتي وأخاف عليها من تكرار ضعفي أمامها , الأكيد يا سيدي أنني
أُحب حروفي وممتنة لسطور أوراق حاولت أن لا تخذلني وما مات إيمانها بي ولم تُصادر صدق إحساسي بها ..
.
تعلمنا أن البكاء ضعف لذلك أصبح آخر الحلول نلجأ إليه إن ضاقت بنا الدنيا على اتساعها ووجدنا أنفسنا نقف في
وسط طريق خالي الا منا , يسكنه الشتاء وتُجرح أرصفته أوراق الخريف التائهة , لا نبحث وقتها عمن يأخذ بيد
يأسنا ليقودنا الى الأمل ولا يهمنا كثيرا ان التفت إلينا عابر سبيل أو حتى مشرد , لا نسأل عن بداية
الطريق ولا نكترث بنهايته , وصلنا أو لم نصل لافرق يذكر ففي كلا الحالتين نقتات على الضياع وجعا
تلو الآخر ..
.
صرت عاجزة عن البكاء الآن , حتى آخر الحلول رحل وتركني أبحث عن جدار آخر لا ينهار إن تكومت
بالقرب منه متعبة من كل شيء وممتلئة بلاشيء , ها أنا استجدي البكاء الآن وماعاد سهلا مثل آخر لقاء , صار
متعبا يستهلك طاقة إحساسي فاختنق به كلما جاء بعد طول وجع , وكأنه نزف روحي دمعا وصراخ جراحي أنينا
, ليت البكاء يا سيدي ضعفا كما تعلمنا لما احتجت وقتها إلى وجودك فما منحني إياه من ضعف كفيل بأن يجعلك
ذكرى كالدمع الراحل والصراخ الذابل , ليت البكاء ضعف فعلا حتى أفرح به كلما أتى لأنه قد يرحل ويأخذك
معه دمعة تلو الأخرى ...
.
البكاء عليك ومعك ولك قوة جديدة يكبر بها حبك في قلبي ذاك الذي ما عرف الضعف منذ عرفك , وما
مات إحساسه بدنيا تحتويك بعد كل حالة بكاء بسببك , وما انهار أمام فراغ كبير صار أكثر اتساعا كلما
ارتفعت أيام غيابك , وما ضعفت رغبته في حياة لا شيء فيها يستحق سوى وجودك ..
أيها الرجل الضعيف جدا بدوني أُدرك تماما بأنني أُنثى متفردة , فكل يوم يمضي يزيد إيماني باختلافي بك ,
فالحب الذي لا يمنحنا السعادة المطلقة عادل بما فيه الكفاية ليمنحنا تميزا يدركه من حولنا ولا ندركه نحن ,
الحب الذي لا يمنحنا الراحة عادل بما في الكفاية ليمنحنا رضا غريب يلمسه من حولنا ولا نشعر به نحن ,
الحب الذي لا يقتلنا يمنحنا القوة لنعيش دنيا أجمل ما فيها أننا عشنا أيامها غارقين بالحب حد الثمالة وأكثر ..

موضوع جدا جميل تشكر عليه